نتيجة لهذا
التطور، تجاوز القرن الواحد والعشرين زمن المقاولة والدولة كمكونين أساسيين
للأوطان ليحل محلها زمن المدينة والتراب المحلي والإقليمي والجهوي. إنه بداية قرن
جديد أصبحت فيه التنمية الاقتصادية مرتبطة أشد الارتباط بالدينامية الترابية
المحلية وبمدى قوة التفاعل والتكامل ما بين العالمين الحضري والقروي من جهة، وما
بين المدن الصغرى والمتوسطة والحاضرات الإقليمية والجهوية الكبرى من جهة أخرى
(أقطاب التنمية الاقتصادية والاجتماعية). لقد أصبح تحقيق التنمية المنشودة مرتبطا
أكثر بمدى وضوح توزيع الاختصاصات بين مستويات الحكامة ونجاعة تقييم وتقويم الفعل
العمومي بشقيه اللامركزي واللامتمركز (الاستقلالية الترابية المعنوية والمالية
المقرونة بالالتزام بحسن التسيير وضرورة التعاون بين مختلف مستويات الحكامة، كل
واحد بوسائله، في رفع التحديات المشتركة وتجسيد التنوع والاختلاف كأساس لتقوية
الوحدة). لقد اتضح اليوم أن التنمية الاقتصادية الوطنية لا يمكن تحقيقها إلا من
خلال قدرة الوحدات الترابية على تدبير شؤونها بنجاعة ومسؤولية أمام المستويات
الأخرى. وعندما نتكلم على الوحدة نعني بذلك، إضافة إلى تقوية الحس الوطني والغيرة
على التراب الوطني ووحدته والاستعداد للتضحية من أجل حمايته، الرفع من نجاعة الفعل
الجماعي للمجموعات البشرية، ومن مستوى القدرة والكفاءة في تنظيم وتعبئة كل
الفاعلين حول المشاريع المشتركة، وفتح المجال للحوار والإنصات والتأثير المتبادل
بشكل دائم، وبالتالي ترسيخ الشرعية والمشروعية وحرية التفاوض والحق في المبادرة
لكل الأطراف والفاعلين والتركيز على عقد شراكات حقيقية بمراحل واستحقاقات مشتركة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire