jeudi 31 janvier 2013

الخطأ الجسيم للموظف العمومي



يعتبر الموظف مرتكب الخطأ الشخصي إذا كان الخطأ الذي يرتكبه وهو يزاول عمله خطأ جسيما، وهو ما أشار إليه المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 80 من القانون الالتزامات والعقود بصريح العبارة نص على ما يلي :" مستخدمو الدولة والبلديات مسئولون شخصيا.... عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم". وهكذا أصبح الخطأ الجسيم بمثابة خطأ شخصي يتحمل الموظف مسؤوليته الشخصية عن هذا الخطأ في حالة حدوثه وهو المبدأ الذي أقره القضاء الإداري الفرنسي، إن القضاء المغربي تضمن أيضا هذا المبدأ الذي أقره القضاء الإداري الفرنسي من خلال اجتهاداته المتكررة في ميدان المسؤولية الإدارية ، حيث حمل القضاء المغربي الموظف المسؤولية الشخصية في حالة ارتكابه خطأ جسيما . فرغم أنه لم يحدد بدقة عناصر ومفهوم الخطأ الجسيم إلا أنه أعتبر أن سلوك الموظف الذي لا يقوم على الدرجة الوسطى من الفطنة والتبصر ويتجاوز في عمله الحدود القانونية وينساق وراء أهوائه الشخصية إلى درجة تجعل عمل الموظف منفصلا عن واجبات وظيفته يعتبر خطأ جسيما يستوجب مسائلته شخصيا.[1]
إلا أن الملاحظ أنه ليس من السهل وضع حدود فاصلة بين الخطأ اليسير والخطأ الجسيم، ذلك أن تحديد درجة جسامة الخطأ مسألة نسبية تتفاوت تبعا للظروف المختلفة، ويهتدي فيها بالسلوك المألوف من شخص وسط في ظروف مماثلة لتلك الظروف التي كان فيها الموظف المخطئ ويدخل في نطاق الخطأ الجسيم الإخلال بأي إجراء جوهري يؤثر في كيان العمل المنوط بالموظف للقيام به وتقدير درجة جسامه الخطأ أمر متروك للقاضي يقدره في كل حالة على حدة .
ولو يحثنا درجة الخطورة التي يمكن أن يتضمنها الفعل الضار الذي يرتبط بموظف عام محدد يتصرف في ممارسة وظائفه، يلاحظ أنه يمكن أن يقع في خطأ بسيط أو في خطأ جسيم أكثر خطورة، فالخطأ البسيط الذي يرتكبه الموظف أتناء ممارسة وظائفه هو في الحقيقة خطأ إداري يستوجب مسؤولية الإدارة التي تستخدم الموظف في القيام بوظائفها أما الخطأ الجسيم أو الخطير يكمن في العمد الذي يدفع الموظف إلى ارتكاب الخطأ دون أن يقصد إلحاق الأذى بالغير أو البحث عن فائدة أو منفعة شخصية له خارج ممارسة وظائفه ويوصف الخطأ في هذه الحالة بأنه خطأ شخصي يحتم مسؤولية الموظف واختصاص المحاكم القضائية في نظرها.[2]
وهكذا يمكن القول أن موقف المشرع المغربي من فكرة الخطأ الشخصي، يقوم على أساس ربط الخطأ الشخصي بالأعمال التدليسية التي يرتكبها وهو يزاول عمله، أو كون الأخطاء التي تسبب فيها الموظف، تعتبر أخطاء جسيمة، فإذا كان خطأ الموظف لا يتضمن أي تدليس أو خطأ جسيم، فإن الخطأ يعتبر مرفقيا بالتالي تتحمل الإدارة مسؤولية هذا الخطأ وفي هذا الصدد أكدت محكمة استئناف الرباط بتاريخ 16 أبريل 1932 مايلي[3]:
"....حيث أنه بناء على عبارات الفصل 80 من ظهير الالتزامات والعقود فإن أعوان الدولة، لايسألون شخصيا إلا بسبب الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو أخطائهم الجسيمة أثناء ممارستهم لوظائفهم وأنه في حالة من هدا القبيل فإن السيد l’espès لم يرتكب أي تدليس أو خطأ جسيم، وإنما مجرد إهمال يكون خطأ مرفقيا يترتب عنه، بناء على الفصل 79 المسؤولية المباشرة للدولة...."


[1] - قرار المحكمة الابتدائية بطنجة تحت عدد : 863 بتاريخ 7 شعبان 1404 موافق 9 مايو 1984 بين السيد البشير الدمناتي والسيد الحسين المسكوري وقايض الضرائب المركزي بطنجة
- قرار محكمة استئناف الرباط رقم 4932 ص 334.

[2] -سامي حامد سليمان : " نظرية الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية الإدارية .دراسة مقارنة" . مكتبة النهضة المصرية .الطبعة الأولى 1988.ص 187 .
- الرجوع كذلك إلى قراره المجلس الأعلى عدد 1064 : المؤرخ في 6/7/2000 الملف الإداري عدد 527/4/001 ( بين السيد العروصي أمنة بنت المعطي ومن معها ضد التأمين بإدارة المحافظة ).
[3] -قرار محكمة استئناف الرباط رقم 1163 بتاريخ 16 أبريل 1932 مجموعة قرارات محكمة استئناف الرباط الجزء السادس لسنة 1931 -1932 ص 533 قرار محكمة استئناف الرباط بتاريخ 4 مارس 1925 مجلة المحاكم المغربية 25 يونيو 1925 ص 203 رقم 181 القرار الصادر بتاريخ 16 أبريل 1932 مجلة المحاكم المغربية 11 يونيو 1932 رقم 498 ص 195.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire