الحالة
الثانية التي تضمنها قانون الإلتزامات والعقود تحصل عندما يرتكب الموظف خطأ
مستعملا أعمالا تدليسية. ففي هذه الحالة يعتبر خطأ شخصيا، ويعوض الضرر الناتج عنه.
من ماله الخاص غير أن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا المجال هو معرفة الشروط التي
ينبغي توافرها في الخطأ الناتج عن التدليس؟ أي متى يعتبر الموظف مرتكبا أعمالا
تدليسية؟
بالرجوع الى
المادتين 52 و53 اللتين خصهما المشرع للتدليس. فإن مفهوم التدليس طبقا لهذه النصوص
يتحقق بتوافر الشروط الثلاثة الآتية:[1]
الشرط الأول: إستعمال المدلس وسائل
احتيالية لتضليل المدلس عليه .
الشرط الثاني: كون هذه الوسائل
الإحتيالية هي التي دفعت المدلس عليه إلى سلوك معين.
الشرط الثالث: صدور الوسائل
الاحتيالية من الطرف الآخر، أو أن هذا الطرف على علم بها.
وانطلاقا من
هذه الحالات والمعطيات، يمكن أن نحدد الحالات التي يعتبر فيها الموظف مرتكبا لخطأ
ناتج عن أعمال تدليسية. وهكذا يمكن القول أن هذا الخطأ الشخصي الناتج عن الأعمال
التدليسية لابد أن تتوافر فيه شروط ثلاثة أساسية:
الشرط الأول: إستعمال المدلس لوسائل إحتيالية
لتضليل المدلس عليه,
استعمال
الموظف أثناء قيامه بواجبات وظيفته وسائل احتيالية تلحق ضرار بأحد الأفراد، يشترط في التدليس
لتحقيق الخطأ الشخصي، إستخدام الموظف وسائل احتيالية تخفي الحقيقة عن الشخص
المتعامل مع الإدارة، مما يتسبب عمله في إلحاق أضرار بالغير وعمل الموظف هذا يقوم
على عنصرين: عنصر مادي يتمثل في الوسائل والسبل التي يستعملها الموظف المدلس. أما
العنصر الثاني فهو معنوي ويتمثل في نية التضليل لتحقيق غرض شخصي لا علاقة له
بالوظيفة.
أولا العنصر المادي:
يجب أن يستخدم
الموظف المدلس وسائل احتيالية لإخفاء الحقيقة عن الأفراد، بحث يتصرف هذا الأخير
تحت هذا التضليل. مما يلحق ضررا بهذا الفرد. كأن يعرض على الشخص المتعامل مع
الإدارة وثائق مزورة. تدفعه الى التعامل مع الإدارة في ميدان معين في حين أنه لو
علم بحقيقة الأمر لامتنع عن التعامل مع الإدارة.
ويتساءل
الأستاذ مأمون الكزبري عن بحثه لموضوع التدليس في القانون المدني. ما إذا كان
الكذب أو الكتمان يمكن أن يشكل كل منهما عنصرا ماديا كافيا لقيام التدليس؟
وفي هذا الصدد
يفرق بين الكذب الدارج( بحيث لا يمكن اعتباره تدليسا) والكذب في واقعة معينة لها
اعتبارها، ففي هذه الحالة اعتبر الكذب تدليسا وبالتالي فإنه يترتب عنه المسؤولية
الشخصية للموظف الصادر عنه.
ونفس الشيء
بالنسبة للكتمان إذ أنه من حيث المبدأ يعتبر عنصرا ماديا كافيا لقيام التدليس: إلا
أنه هناك حالات يكفي فيها الكتمان لتحقيق التدليس. وبالتالي تتحقق المسؤولية
الشخصية المنصوص عليها في الفصل 80 من ظهير الإلتزامات والعقود ويتعلق الأمر
بالكتمان. في ميدان يوجب القانون بيانه.
ثانيا: العنصر المعنوي
يتحقق العنصر
المعنوي للتدليس عندما تكون الحيل والوسائل التضليلية التي استعملها الموظف في
عمله والتي تلحق ضررا بالغير: تهدف الى تحقيق غرض شخصي لا علاقة له بواجبات
وظيفته، بأن يدعي أحد الموظفين بأن أحد المشاركين في مباراة لولوج منصب معين له
سوابق قضائية خطيرة، ويدلي بوثائق مزورة. وهو يقوم بهذا العمل للإبعاد الشخص لوجود
عداوة بينهما. إن الموظف قد استعمل وسائل احتيالية لتحقيق غرض شخصي يتمثل في إبعاد
شخص من المشاركة في مباراة.
أما إذا كان
الهدف من استخدام الموظف وسائل احتيالية لتحقيق غرض مشروع لمصلحة الإدارة فإنه لا
يمكن اعتباره تدليسا كأن يلجأ الموظف المكلف بتحصيل الضرائب إلى إبراز وثيقة غير
صحيحة، يتبين منها أنه سيلجأ إلى مسطرة الإكراه البدني ضد المدين بالضريبة، إذ هو
لم يدفع مبلغ الضريبة المستحقة قانونا. إن هذا العمل الذي قام به الموظف المكلف
بتحصيل الضريبة لايمكن اعتباره تدليسا، ولايترتب عنه مسؤوليته الشخصية. لأن
الوسائل الإحتيالية التي استعملها هذا الموظف كانت تهدف إلى دفع المدين بالضريبة
إلى أداء ما بذمته. وذلك لفائدة صندوق الدولة وضمن القواعد المسطرية القانونية[2].
الشرط الثاني: كون الوسائل
الاحتيالية هي التي ألحقت الضرر بالغير:
إن عمل الموظف لا يمكن اعتباره تدليسا إلا
إذا كانت الوسائل الاحتيالية التي لجأ إليها الموظف، هي التي ألحقت الضرر بالغير،إما
إذا تبث أن الضرر قد نتج عن سبب أخر . غير الوسائل الاحتيالية التي استعملها
الموظف فإن التدليس لا يتحقق في هذه الحالة ولا يمكن الإستناد إليه لقيام
المسؤولية الشخصية للموظف . ولمعرفة ما إذا كانت هذه الوسائل الاحتيالية هي التي
تسببت بالضرر أم لا. فإنها تعتبر من الأمور الواقعية التي يعود تقديرها لقاضي
الموضوع.
الشرط الثالث :
صدور السائل الاحتيالية عن الموظف أو كونه على علم بها.
إن تطبيق مقتضيات الفصل 80 من ظهير
الالتزامات والعقود والمتعلقة بإقرار المسؤولية الشخصية للموظف . في حالة قيامه
بأعمال تدليسية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت هذه الوسائل الاحتيالية صادرة عن
الموظف أو كونه على علم بها. أما إذا كانت وسائل التضليل صادرة عن الغير فلا يمكن
أن نحمل الموظف عبء هذا التدليس . ولا تتحقق مسؤوليته الشخصية إذا لم يكن على علم
بها.
أما
إذا كان الموظف على علم سائل الاحتيالية التي تلحق الضرر بالغير . ولو لم تكن غير
صادرة عنه، فإنه يعتبر مسؤولا شخصيا عن الخطأ ،لأنه كان على علم بهذه الأعمال
التدليسية . ولم يعمل على تجنبها
[2] - من
خلال هذه القاعدة يمكن الرجوع إلى حكم المحكمة الإدارية بوجدة بتاريخ 2/04/98 ملف
رقم 1/98 المتعلق بقطع الماء على السكن الوظيفي، الذي تم اعتباره بمثابة اعتداء
مادي والذي ثم من خلاله توجيه أوامر للإدارة في إطار القضاء الشامل وتم اعتباره
بأن قطع الماء عن المسكن الوظيفي للإجبار الموظف المتقاعد على الأفراغ عمل غير المشروع
. وألزمت الجهة المدعية عليها بإرجاع الماء إلى سكنى الطالب الكائنة بتكنة رجال
المطافئ بوجدة على الحالة التي كانت عليها سابقا تحت طائلة غرامة تهديديه قدرها
مائة درهم كل يوم تأخير عن التنفيذ....
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire