بتتبع المسيرة
التشريعية لنوع الملكية من أجل المنفعة العامة في المغرب، يتضح بجلاء أنها عرفت
تطورا ملحوظا على مستوى المبرر الشرعي الذي ترتكز عليه والمتمثل في المنفعة العامة
التي تسعى إلى تحقيقها، ويمكن التمييز بين مرحلتين أساسيتين مر بهما توسع المنفعة
العامة المبررة لنزع الملكية في المغرب (ما قبل الاسقلال وما بعد الاستقلال).
المرحلة الأولى: وتميزت بضيق مجال المنفعة العامة وحصرها في اتجاه محدود
جدا، ولعل السبب هو تحفظ المشرع من فسح المجال لسلطات الحماية التي عرفتها هذه
المرحلة ومنعها من استغلال هذا المفهوم خدمة لمطامعها التوسعية.
فقبل 1912، لم
تكن نزع الملكية ممكنة إلا في حالتين:
بناء أو توسيع طريق.
بناء أو توسيع مسجد.
وهو رأي أو
فتوى العلماء المغاربة الذين تمت استشارتهم من قبل السلطان عقب إبرام اتفاقية
الجزيرة الخضراء، بعد ذلك تميز ظهير 1914 بعدم تحديده أو تعريفه لمفهوم المنفعة
العامة وإن كان قد حاول جرد أمثلة عديدة للمشاريع والأشغال التي تفترض فيها
المنفعة العامة،[1] بإحداث الطرق والسكك الحديدية وبناء الموانئ والمطارات،
الأشغال العسكرية أو ذات المصلحة العسكرية، تاركا الباب مفتوحا أمام السلطة
النازعة لإضفاء المنفعة العامة على المشاريع التي تنوي نزع الملكية من أجلها. نفس
الشيء بالنسبة لظهير 1951 الذي احتفظ بجوهر الفصل الثالث السابق الإشارة إليه.
وفي جميع
الأحوال، استهدفت نماذج المنفعة العامة المبررة لنزع الملكية هدفا أساسيا هو تأسيس
الدومين العام، أو بناء المنشآت العامة.[2]
المرحلة
الثانية: يمكن التأريخ لها بفترة الاستقلال،
حيث طبع هذه المرحلة موجة من البناء والتشييد شملت جميع المجالات من أجل بناء مغرب
الاستقلال، مما نتج عنه توسع مشهود لمضمون المنفعة العامة تجلى على مستويين:
أولا: تعدد المساطر الخاصة لنزع الملكية وبالتالي تعدد الأهداف
المحددة لكل منها، فقد توالى صدور مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة ببعض
المساطر الخاصة لنزع الملكية عملت على تنويع المنفعة العامة، وبالنتيجة توسيع
وتنويع في الأهداف الشرعية لهذه المسطرة.[3]
ثانيا: حفاظ المشرع على قاعدة عدم تحديد إطار المنفعة العامة
الذي بقي شاسعا بتباين من حقبة إلى أخرى، متخذا من الوظيفة الاجتماعية والاقتصادية
للدولة أساسا للتغيير، هذا ما أكده ظهير 1982 المطبق حاليا بالنص على جواز نزع الملكية
كلما استهدفت المنفعة العامة، ''القيام بأشغال أو عمليات ذات نفع عام'' تاركا الباب
مفتوحا على مصراعيه أمام السلطة المعنية لإضفاء صبغة المنفعة العامة على مشروع ما
دون تحديد لائحة معينة للأشغال التي تتصف بالمنفعة العامة.
فهذه الأخيرة
أصبحت مفهوما غير محدد وعام يتجه للاختلاط بمفهوم المصلحة الاجتماعية، إذ لم تعد
المنفعة العامة مرتبطة بالدومين العام.
[1] - الفصل الثالث من ظهير 1914.
[2] - أحمد أجعون: ''تطوير رقابة المجلس الأعلى على شرط المنفعة العامة
في موضوع نزع الملكية''، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج
38-39 ماي –غشت 2001.
[3] - انظر على سبيل المثال:
ظهير 17/01/1961
(ج.ر عدد 2517 الصادر سنة 1961) المتعلق بإعادة بناء مدينة أكادير.
المرسوم الملكي
بمثابة قانون بتاريخ 11/12/1965 بشان الاستثمار السياحي لخليج طنجة.
ظهير 30/09/1953
المتعلق بالتعمير قبل أن تم تعديله.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire